نبض أرقام
14:42
توقيت مكة المكرمة

2024/05/20
12:03
11:58

"ديزني".. كيف تحول الفأر إلى أسد؟

2019/09/22 أرقام - خاص

"كان عليّ أن أذهب لعملي، وعندما أحضرت رابطة العنق من على المشجب وجدت صراصر عليها وتنبهت إلى مدى قذارة الغرفة الصغيرة التي أعيش فيها وقررت تغيير حياتي".. هذا ما ذكره "ديل كارنيجي" في كتابه "دع القلق وابدأ الحياة" على لسان "والت ديزني" مؤسس الإمبراطورية الترفيهية التي حملت اسمه وأصبحت بين أكبر شركات عالمنا المعاصر.

 

 

من الفشل للنجاح

 

كان هذا قبل قرن من الزمان بالضبط، ففي عام 1919 انتقل "ديزني" إلى مدينة كانساس ليبدأ عمله في الرسوم المتحركة، ليصل حجم أعمال شركته عام 2018 إلى قرابة 60 مليار دولار، بإجمالي أرباح 12.6 مليار دولار، لتقدم نموذجًا لإحدى أكثر الشركات العالمية ربحية، وتثير تساؤلات حول كيفية الانتقال من الغرفة الصغيرة المُهملة إلى الإمبراطورية الضخمة.

 

فرحلة الشركة لم تكن مفروشة بالورود، بل بدأت بـ"ستوديو ديزني" الذي أسسه "والت" مع أخيه "جوي" غير أنه تعرض للإفلاس بعد إنشائه بسنوات قليلة، ليبدأ مشروعًا آخر تحت نفس الاسم استند فيه إلى التعاون مع شركة "يونيفيرسال"، غير أن الأخيرة حصلت على ما لدى "ديزني" من رسامين موهوبين وتركته مرة أخرى يعاني مخاطر الإفلاس.

 

وبناء على ذلك قررت الشركة طرح عدد من الأفلام التجارية، بغية جعل اسمها معروفًا في الأسواق، ثم الاستثمار مباشرة في ذلك من خلال طرح 155 ألف سهم عام 1940 بقيمة إجمالية تتخطى 3.5 مليون دولار بما ساهم في إنتاج الشركة سلسلة أفلام، أشهرها "سندريلا" انتشلتها من تحت وطأة ديون ضخمة.

 

وفي عام 1955 استكملت الشركة أركانها بافتتاح "ديزني لاند" لتصبح المقدم الوحيد للترفيه بصورته السينمائية وفي المنتجعات، وتستمر في تحقيق النجاحات حتى وفاة مؤسسها عام 1966، غير أن الشركة كانت ناجحة بالطبع وذائعة الصيت، دون أن تكون "إمبراطورية" اقتصادية كما هو الحال حاليًا.

 

شركة القرارات الذكية

 

ويمكن القول بأن "ديزني" هي "شركة القرارات الذكية، كما يعرّفها موقع "بيزنيس إنسايدر"، ففي عام 1996 قامت بشراء شبكة "إيه.بي.سي" الأمريكية، مقابل 19 مليار دولار، وعلى الرغم مما لدى الشبكة من قنوات تلفزيونية ومحطات راديو وصحف إلا أن هدف عملية الشراء كان شبكة "إي.إس.بي. إن" لاشتراكات المشاهدة عبر الكابل.

 

 

فبهذا أصبح لـ"ديزني" مدخلًا مباشرًا لعرض منتجاتها في المنازل الأمريكية، وبناء على ذلك تزايدت حصة إيرادات اشتراكات الكابل لـ"إي.بي.سي" من 40% وقت إبرام الصفقة إلى 70% بعد إبرامها بخمس سنوات بما يوحي بقرار صائب للغاية في هذا الصدد.

 

ولعل شراء "ديزني" لعالم "مارفل" في عام 2009 يوضح العقلية الاستثمارية التوسعية للشركة، حيث حصلت  بذلك على حقوق استغلال حوالي 5 آلاف شخصية تملكها الشركة الأمريكية، وتمكنت من فورها من عمل سلسلة من الأفلام الرابحة للغاية، والتي انتهت بفيلم "مارفل: إيند جيم" بإيرادات اقتربت من 3 مليارات دولار لهذا الفيلم فحسب.

 

وفي بدايات العام الحالي قامت الشركة بشراء "فوكس 21 فرست" للترفيه، بصفقة فاقت قيمتها 70 مليار دولار، وتكمن أهمية هذه الصفقة في أنها تضمن ضم حقوق الملكية الفكرية لسلاسل رابحة أبرزها "إكس-مين" (والتي تفكر الشبكة في دمجها مع شخصيات "مارفل" فضلًا عن دور العرض المملوكة للشركة وكمية المواد الترفيهية الموجودة في مكتبتها).

 

مستقبل مشرق ولكن

 

ويشير موقع "سمارت أسيت" إلى أن العامل المشترك في كافة تحركات "ديزني" التوسعية لا تتم إلا بعد أن تستوعب الشركة تمامًا التوسع السابق، وتصبح قادرة على ما هو بعده، وتكون الأهداف من التوسع واضحة للغاية وتنعكس على عمل الشركة سريعًا، بما يقلص من المخاطرة ويجعل حصد العائد سريعًا، أي أن الشركة "لا تأكل أكثر مما باستطاعتها هضمه".

 

وتستقبل "ديزني" حوالي 52 مليون زائر في مختلف مدنها الترفيهية المنتشرة حول العالم، وذلك مما دعاها إلى وضع ما يُعرف بنظام التسعير الديناميكي، ويعني السماح بارتفاع وانخفاض أسعار التذاكر (مثلما هو الحال في الطيران) وفقًا للضغط على المدينة، وحققت المنتجعات الخاصة بـ"ديزني" وحدها أرباحًا تصل إلى 4.5 مليار دولار في عام 2018.

 

 

وتزداد أسعار تذاكر المدينة الترفيهية بنسبة تصل إلى 70% في فترة أعياد الميلاد وفي فترة الصيف، وبشكل عام فإن الإقبال الشديد على تذاكر المدينة أدى لاستمرار الاتجاه الصعودي لأسعار تذاكرها حتى إن الزيادة وصلت إلى 15% خلال عام 2018 فحسب، وهي نسبة كبيرة للغاية في ظل تركز المدن في أمريكا واليابان وفرنسا وهي دول تتمتع بمعدلات تضخم منخفضة نسبيًا.

 

وبشكل عام يمكن القول بأن مستقبل "ديزني" يبدو مشرقًا للغاية في ظل التوسعات المحسوبة المستمرة، وفي ظل نسبة الربحية العالية للغاية، غير أن الحروب التجارية المستعرة حاليًا تهددها بشدة، إذا تفاقمت وتوسعت، في ظل أهمية الأسواق الآسيوية لها، فضلًا عن أهمية حرية التجارة وتبادل السلع والخبرات لعملها.

تعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

{{Comments.indexOf(comment)+1}}
{{comment.FollowersCount}}
{{comment.CommenterComments}}
loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.

الأكثر قراءة